جاء في المقدمة:
فإن الله تعالى قد بعث نبيه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون, وجعله حجة بينه وبين عباده ورحمة وموصلاً للخير لهم بإذن ربه جل وعلا, وما مات عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن أكمل الله به الدين وأتم نعمته على الخلق أجمعين ففتح الله به أعيناً عمياً وأسمع به آذاناً صماً وهدى به قلوباً غلفاً, وأنار به صدوراً مظلمة, وصحح به العقائد الباطلة, وقاد به الناس إلى صراطه المستقيم ونهجه القويم, صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور, فما ترك لأمته من خير إلا دلهم عليه ولا شراً إلا حذرهم منه وإن أعظم ما جاء به وجوب إفراده جل وعلا بالعبادة وتوحيده بها, فقرر بقوله وفعله التقرير الكامل التام أن العبادة حق صرف لله جل وعلا لا يجوز صرف شيء منها لملك مقرب ولا لنبي مرسل ولا لولي صالح فضلاً عن صرفها لقبر أو شجر أو حجر أو جن أو بشر, فشريعته أولها وآخرها مبنية على أصلين عظيمين يدور عليهما فلك الرسالة وهما:-
أن لا يعبد إلا الله جل وعلا, وأن لا يعبد إلا بما شرعه ولا صلاح لهذا الوجود علويه وسفليه إلا بتحقيق هذين الأصلين, وهما أصلان متلازمان فالأصل الأول مقصود لذاته والأصل الثاني وسيلة لتحقيقه, فلا طريق إلى تحقيق العبادة وإخلاصها وصحتها وقبولها إلا بتحقيق الأصل الثاني اعتقاداً وقولاً وعملاً واتباعاً, وما حصل بلاء ولا فساد ولا اضطراب في أمور البشرية إلا بالإخلال بأحد هذين الأصلين,
وما وقع شرك في الأرض إلا لعدم اعتمادهما, وهذا يعرفه من نظر في أحوال الناس, هذا وإن أعظم ما نهى عنه الشرك في العبادة, وأعظم أسباب الشرك بل هو أولها الغلو في الصالحين وقبورهم, ففتنة القبور وتعظيم الصالحين التعظيم الزائد على الحد المشروع هو الذي أوقع الشرك في بني آدم كما سيأتي إن شاء الله تعالى, ولا نزال في هذه الأزمنة نعاني أكبر المعاناة من فتنة القبور والغلو في تعظيم أصحابها, الأمر الذي يستدعي منا أن نكثر طرق هذا الموضوع بالأساليب المتنوعة, وأن نطرحه بالطرق المختلفة وأن نبدأ فيه ونعيد, ونشرح ونختصر ونجاهده بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا كل بحسبه, وألا نقصر في مجاهدة ذلك المجاهدة المطلقة, والله سائلنا عن ذلك, والله المستعان, والأمة في أشد الحاجة إلى توضيح خطر ذلك وسد أبوابه وقطع وسائله وتفنيد شبهه, حتى تقوم الحجة, وتبرأ الذمة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها,
وقد وفق الله العبد الضعيف العاجز أن كتب في التوحيد بعض ما تيسر تقعيداً ونثراً ونظماً وغير ذلك, وقد سنح في البال أن أكتب شيئاً عن هذه الفتنة العظيمة, أعني فتنة القبور, من باب المشاركة في بيان عظم الأمر وفداحة الخطب وعسى الله تعالى أن يمن على عبيده الضعيف الفقير العاجز بإتمامه على أحسن الوجوه, وأن يشرح له الصدور ويرزقه القبول العام والخاص, وأسميته بـ(تنوير الصدور في التحذير من فتنة القبور )
فالله أسأل أن يعصمني وإخواني والمسلمين جميعاً من هذه الفتنة الدهماء والخطر العظيم, وأن يوفقنا وإخواننا للاعتقاد الصحيح ولقبوله واعتماده وأن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يجعلنا دعاة لدينه وناصرين له باطناً وظاهراً والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فإلى المقصود وبالله التوفيق ومنه أستمد الفضل وحسن التحقيق .
قراءة و تحميل كتاب دركات النار من الكتاب وصحيح الأخبار PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب وصف جنات النعيم والطريق الموصل إليها PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب معرفة المأمور به والمحذور في زيارة القبور PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب اليوم الآخر في الأديان السماوية والديانات القديمة PDF مجانا